مسارات على خطى الأجداد
إعداد التقرير عبدالله بن مرهون العلوي
مسار الخبيته الشويعي بوادي عاهن بولاية صحار
مسار سياحي يأسرك من أول خطوة تخطى بقدمك فيه لجماليات مكنوناته المختفية عن الأنظار يقع خلف سلسلة جبال وادي عاهن طبيعته تدهشك من أول إطلالة لك على الجسر الرابط بين الطريق المخترق لسلسلة الجبل والموصل إلى قرية الخبيته ، حيث يجبرك المشهد على التوقف لتوثيق المكان بالصور أو مقاطع الفيديو تعيش في سكينة وهدوء لا تسمع فيها إلا خرير الماء المنسل من أسفل الجسر وزقزقة العصافير وصوت حفيف الأشجار التي تداعبها نسمات الهواء .
إنها بلدة الخبيتة بولاية صحار والتي تقع على ضفة وادي عاهن وإداريا يتبع ولاية صحار بشمال الباطنة . الخبيتة كانت نقطة إنطلاق مسيرنا السياحي بوادي عاهن حيث تشق طريقك ماشيا على ضفاف مجرى الوادي متأملا للتكوينات الصخرية المختلفة ولعوامل النحت التي طبعها جريان الوادي المتدفق على مر السنين . وبجانبك المزوعات المختلفة والأشجار تغطيك ، وأنت تمشي صعودا بالمسار ليقابلك معلم ثابت منذ أكثر من ١٥٠ سنة إنه مسجد ( مثجور الحارة). تواصل سيرك على ضفة الجبل وتناظر البساتين المتنوعة وفلج الخبيته المتدفق إلى أن تصل إلى اللجل التي يتجمع فيها ماء الفلج القادم من بطن الوادي . اللجل ( البركة المائية التي بناها الأجداد قديما من أجل تجميع ماء الفلج عندما يقل منسوبه ) .نودع الخبيتة التي لم نعطها حقها بسرد معالمها ومزارعها وطيبة ساكنيها على أمل أن تتاح لنا فرصة أفضل لزيارتها . نواصل المسير لنشاهد التنوع في الأشجار البرية وتنوع الصخور الجبلية والبرك المائية وامتداد الغيل بطول المسار. تجذبك ظلال الأشجار الوارفة للإسترخاء والجلوس في ظلها المتمايل طربا مع نسمات الهواء التي تهب عليك .
ومع إطلاق الخيال لهذه المناظر الربانية ، تفاجئك قرية الغضيفة بإطلالتها البهية ومع زقزقة العصافير من أعلى أشجارها ، تقف منبهرا لهذا المنظر الذي يأسرك بجماله الأخاذ فأشجار المانجو والليمون والنخيل على ضفتي مسار الوادي وارفة الظلال بهية مخضرة . يفاجئنا أحد سكان القرية وهو يطل علينا من خلف أشجار النخيل مرحبا بنا وكعادة العماني يأخذ العلوم والأخبار ويصر على ضيافتنا ، نعتذر منه بلطف على أمل زيارته في وقت آخر فأمامنا مسار في غاية الروعة والجمال . نواصل المسير بجانب البيوت المطلة على ضفة الوادي بقرية الغضيفة وبترحيب من ساكنيها وأيادي الأطفال تلوح لنا مرحبة ، وكذلك نطالع من بعيد المزروعات المتنوعة بالقرية.
تقابلنا البركة المائية الباردة التي تقع في مجرى الوادي ومع شدة برودة ماؤها وكذلك عمقها نستسلم لنعود أدراجنا ونتسلق الصخور لتفادي المياه العميقة والباردة .
نواصل المسير والأشجار تطل علينا ومن تحتها يتبادىء لنا ينابيع مياه تتدفق من الصخور التي تحضن أشجار النخيل والليمون . نواصل السير بمجرى وادي عاهن لنرى رائعة من روائع الأنسان العماني إنه فلج ( الخبات العليا) والذي نحته الأجداد على ضفة الوادي . ساقيته الممتدة بطول يقارب الكيلو مترين بنيت بفكر وهندسة العماني لتظل معلما شاهدا على الكفاءة والمهارة التي تمتع بها الأجداد لنفتخر نحن اليوم بما بناه أجدادنا من إرث حضاري في مختلف مجالات الحياة .
نصل نهاية المسار بقرية الشويعي وننزل بضيافة الفاضل مصبح بن بخيت العيسائي لنطلع عن كثب على المتحف المصغر والذي اختزل فيه العديد من أشكال الحياة للماضي الجميل .
يحوي هذا المتحف نمط حياة الإنسان العماني ويعرض الأدوات والمواد التي استخدمها تلك الفترة وكذلك معرض مصغر يحوي العديد من المقتنيات التراثية المتنوعة.
مهما كتبت عن هذا المعرض فلن نفيه حقه ، لذا سأقتصر الكلام لأتيح الفرصة لقاريء هذه السطور بتجربة المسار أولا ، ثم زيارة المعرض التراثي بقرية الشويعي في ختام المسار .